اللهم صلي على محمد وال محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بما أن الوضوء حالةٌ متكررة في حياتنا اليومية، فمن المناسب أن نعلم بعض الأحكام، وإن كانت واضحة.. فمسألة النية: إن البعض -مع الأسف- يخلط بين النية القلبية وبين النية اللفظية.. فأصولاً: إن النية من أعمال القلب، فـ(لكل امرئ ما نوى) فهي عمل في القلب.. وعليه، فإن الإنسان إذا أظهر ما في قلبه على لسانه فلا بأس، وإذا لم يظهره فإن هذه النية موجودة، بمثابة خزّان من الماء.. فمن المعلوم أن الماء موجود في الخزان، فإذا فتحت الحنفية هذا الماء يظهر، وإلا فهو موجود، ولكنه مخزون.. والنية كذلك.
فإذا كان لدى الإنسان هذه النية في الطواف، وفي أعمال الحج، وفي العبادات، فإن هذه النية كافية.. نعم، من المناسب أن يستحضر الإنسان النية بشكل جيد، وإن كان في ارتكازه موجوداً.. فمن الملاحظ في خصوص الوضوء أن أغلب الناس لا ينوي عند الوضوء.. نعم، لو سئل: ماذا تعمل؟.. فإنه سيقول: أتوضأ قربة إلى الله تعالى، ولكنه يذهل عن هذه النية.. ولكن الوضوء أمرٌ عبادي في الصلاة، فإذا لم ينو القربة، فإن هذا الوضوء باطل.. وعليه، لا بأس باستحضار النية عند الوضوء.
إن من المناسب أن يلتـزم الإنسان -ولو في بعض الأوقات- بأدعية الوضوء.. فالوضوء عبارة عن عملية مائية، أشبه بالغسلة الصباحية للوجه، فإذا لم يجعل في الوضوء هذه الأدعية، فإن القضية تبقى في إطار الحركة البدنية.. أما عندما يصب الإنسان الماء على وجهه، فبدلاً من النظر إلى المرآة، فإنه ينظر إلى وجه الله عز وجل ويقول: (اللهم!.. بيّض وجهي يوم تسودّ فيه الوجوه).. وهو في الحمام، وإذا به ينتقل إلى عرصات يوم القيامة.. حيث أن الوجوه تسودّ يوم القيامة!.. إنها تسودّ عندما يجعل هذا الوجه أمام امرأة أجنبية، وبنظرةٍ مريبة.. فسواد الوجه في الآخرة، يأتي من الدنيا.. وعندما يتوضأ فيتذكر ويقول: (اللهم!.. لا تسوّد وجهي...) وإذا ذهب إلى السوق بعد الوضوء، فإنه يقول: لقد قلت منذ قليل: اللهم!.. لا تسوّد وجهي.. وسواد الوجه هذا يأتي من السوق، ومن السيارة، ومن المكتب.
إن القرآن الكريم يعبّر عن نور المؤمن فيقول: {يسعى نورهم بين أيديهم}.. من أين جاء هذا النور يوم القيامة؟!.. إن هذا النور هو نور عمل ليلة الرغائب.. ونور عمل أمٍ داود.. ونور صلاة الليل.. فكل نور، وكل ظلمة في عرصات القيامة، إنما يأتي من ذلك النور، وتأتي تلك الظلمة من أعمالنا في الحياة الدنيا.
وكذلك عند غسل اليد اليمنى نقول: (اللهم!.. أعطني كتابي بيميني...) فهذه اليد التي تحب أن تُعطى الكتاب باليمين، لا بد أن تكون يد نظيفة، لا تصافح الأجنبي، ولا تأخذ المال الحرام، ولا تمتد إلى ضرب طفلٍ أو امرأة بغير وجه... وغير ذلك من الأمور
تقبلوا تحياتي وتقديري
بنت جنوب لبنان