من المؤكد أنه بعد بطولات حزب الله في مواجهة العدوان الإسرائيلي تريد حضرتك أن تتعرف أكثر علي قائد المجاهدين هناك الذي أعاد للعرب كرامتهم بعدما خسف بهم الحكام العرب الأرض وجعلوهم أتباعا أذلاء لا قيمة لهم وهم يدورون في الفلك الأمريكي!! ومن فضلك إياك أن تستخدم كلمة شيخ وأنت تناديه، أو تكتب عنه..
لقبه الرسمي »سماحة السيد« »حسن نصر الله« فاحرص علي أن تخاطبه باللقب المتداول بين الشيعة وهم يخاطبون أئمتهم، فإذا قلت له ياشيخ فسيواجهك بابتسامة ولكنها تدل علي عدم الرضا! وذلك من فرط أدبه وتواضعه، وكان يمكنه أن يطلق في وجهك تكشيرة!!
وأولي مفاجآت حياته أنه لا ينتمي إلي عائلة دينية مثلما نري بين الشيعة بالذات حيث تتوارث العائلة اللقب ويأتي الابن بعد الأب والجد كإمام يحمل رسالة الأسرة الإسلامية وله مكانته بين أبناء طائفته..
سماحة السيد بطل المقاومة وضعه مختلف تماما، ولا غرابة في ذلك، فهو »فلتة« بكل المقاييس، والده واسمه عبدالكريم كان يتاجر في الخضراوات قبل أن يصبح صاحب محل للبقالة يعمل فيه منذ الصباح الباكر حتي ساعة متأخرة من الليل ليعول أسرته الكبيرة: أربعة بنين وخمس بنات وحسن نصر الله هو أكبرهم، وكان أبوه يتمني أن يصبح ابنه طبيبا، واعترض علي أن يصبح ابنه من رجال الدين علي أساس ان هذه المهنة »ما بتوكلش عيش« بحد تعبيره.
والأسرة تنتمي الي جنوب لبنان وبسبب الفقر والاهمال الذي يسود المنطقة نزحوا الي بيروت وسكنوا بمنطقة الكارتينا شرشنوك«، وهو اسم غريب لا يعرف أحد أصله وفصله! وتميزت المنطقة بتنوعها البشري العجيب وتركيبة سكانها الفريدة من نوعها، هناك يعيش اللبنانيون بمختلف طوائفهم من مسلمين ومسيحيين وأكراد من تركيا والأردن وحتي البدو الذين يسمونهم عرب المسلخ، وهذا التنوع كان له تأثيره الكبير بالطبع علي صاحبنا البطل. وفي انفتاحه علي الدنيا.
ورغم أن سماحة السيد حسن نصر الله أجري مئات المقابلات مع الصحفيين إلا أنني أزعم أنني كنت الوحيد الذي سألته عن حياته الشخصية وطفولته وذلك عندما تشرفت بمقابلته في بيروت في يوليو سنة 2002 قبل أربع سنوات بالضبط.
ولأول مرة يتحدث مع صاحب قلم عن أمه.. »عادة ما نصاب بالاحراج عندما نتحدث عن النساء«، وظننت أنه سيكتفي بتلك الاجابة الدبلوماسية، لكنه أضاف قائلا: أمي اسمها »نهدية صفي الدين« واحترس من أن تخطئ وأنت تكتبها فتكتب مهدية بالميم! بل هي بالنون.. وهو، اسم نادر في لبنان وأظنه في مصر كذلك. ويمكن وصفها بكلمات قليلة: بحر من الحنان.
وضحك البطل من قلبه عندما سألته: هل كان ولدا شقيا وهو طفل؟ رد قائلا بابتسامة واسعة: كان بيني وبين الشقاوة خصام لعدة أسباب أولها توجهاتي الدينية بفضل العلماء الذين تأثرت بهم وثانيا حبي للقراءة فقد شغلني عن كل شيء.. حتي الرياضة لم أمارسها!!
وثالثا حياتنا المعيشية الصعبة، وأخيرا الأحداث الجسام التي كان يمر بها الوطن والتي تدفع كل شاب فيه خير إلي الاهتمام بما يجري