اللهم صلي على محمد وال محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نور الأبصار للشبلنجي للشافعي): عن أبي جعفر (رضي الله عنه) قال: إذا تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، وركبت ذوات الفروج السروج وأمات الناس الصلوات، واتبعوا الشهوات، واستخفوا بالدماء وتعاملوا بالربا، وتظاهروا بالزنا، وشيدوا البناء، واستحلوا الكذب وأخذوا الرشا، واتبعوا الهوى، وباعوا الدين بالدنيا، وقطعوا الأرحام، وضنوا بالطعام، وكان الحلم ضعفاً، والظلم فخراً، والأمراء فجرة، والوزراء كذبة، والأمناء خونة، والأعوان ظلمة، والقُرّاء فسقة، وظهر الجور، وكثر الطلاق، وبدأ الفجور، وقبلت شهادة الزور، وشربت الخمور، وركبت الذكور الذكور، واستغنت النساء بالنساء، واتّخذ الفيء مغنماً، والصدقة مغرماً، واتّقي الأشرار مخافة ألسنتهم، وخرج السفياني من الشام، واليماني من اليمن، وخسف بالبيداء بين مكة والمدينة، وقتل غلام من آل محمد بين الركن والمقام، وصاح الصائح من السماء بأن الحق معه ومع أتباعه قال: فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أتباعه فأول ما ينطق به هذه الآية: (بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين) [1] ثم يقول: أنا بقية الله. وخليفته، وحجته عليكم، فلا يسلم عليه أحد إلا قال: السلام عليك يا بقية الله في الأرض فإذا اجتمع عنده العقد عشرة آلاف رجل فلا يبقى يهودي ولا نصراني، ولا أحد ممن يعبد غير الله تعالى إلا آمن به وصدقه وتكون الملة واحدة ملة الإسلام. وكل ما كان في الأرض من معبود سوى الله تعالى تنزل عليه نار من السماء فتحرقه.
(التعليق): هذا الحديث ـ ونظائره ـ تضمن عديداً من علامات الظهور، وهو حديث جدير بشرح واف شامل، لكن مجالنا المختصر لا يسمح لنا بأكثر من الإشارة إلى بعض الفقرات منه.
(تشبه الرجال بالنساء) أما بالتخنث بأن يُلاط بهم، أو التشبه في العمل، فتخرج المرأة إلى ميادين العمل الشاقة والأعباء الثقيلة، والتي تنافي خلقتها الضعيفة، وعاطفتها المرهفة، (أو التشبه) في الملابس. والكل ممكن، وغيره أيضاً محتمل.
(والنساء بالرجال) بنفس الاحتمالات عكسياً.
(ذوات الفروج) يعني: النساء.
(السروج) يعني: الخيول.
(واستخفوا بالدماء) أي: كان القتل شيئاً هيناً خفيفاً عند الناس.
(واستحلوا الكذب) أي: قالوا إن الكذب حلال وليس حرام.
(وضنوا بالطعام) أي: بخلوا به.
(والأمناء خونة) يعني: من يظهر منهم الصلاح، ويعتبرهم الناس أمناء ينكشف أنهم يخونون الناس في أموالهم ودمائهم، وأعراضهم.
(والقراء) أي: قراء القرآن (فسقة) يجيدون فقط القراءة ولا يستفيدون من القرآن بالعمل به.
(وظهر الجور) أي: كان الظلم بادياً ظاهراً لا يستره الظالم خوفاً من أحد، ولا حياءً من أحد.
(واستغنت النساء بالنساء) أي: لا تتزوج النساء، بل تكتفي الواحدة بثانية في قضاء الشهوة الجنسية، ويسمى في الإسلام بـ (السحق) وهو حرام مغلظ، وله عقوبة خاصة مذكورة في كتب الفقه، فإنه هدم للعائلة، وتقويض للأسرة، وإفناء للأمة بالتالي.
(واتخذ الفيء مغنماً) يعني: مال الفقراء من حصل عليه يعتبره غنيمة يأخذه لنفسه ويأكله ويستبد به.
(والصدقة مغرماً) فإن تصدق أحد بشيء اعتبره غرامة خرجت من عنده، كناية عن إعطاء الناس للصدقة وهم كارهون.
(اليماني) شخص يخرج من اليمن يدعو إلى الحق والإسلام وهو ممن يوطد الأمن للإمام المهدي (عليه السلام)، كما في حديث الإمام الباقر (عليه السلام) [2].
(خسف بالبيداء) هذا خسف بجيش السفياني الذي يقبل من الشام إلى مكة لقتال الإمام المهدي (عليه السلام)، وقد مر نصه في بعض الأحاديث.
(من معبود سوى الله تعالى) يعني: الأصنام والأوثان، ونحوها.
آيات غريبة
(البرهان في علامات مهدي آخر الزمان للمتقي الهندي الحنفي): عن عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) قال: لا يخرج المهدي حتى تطلع من الشمس آية.
(التعليق): الآية التي تطلع من الشمس، يعني العلامة، وهي كما في بعض الأحاديث: أنه يُرى رأس خارج من الشمس ينادي: (ألا قد ظهر ولي الله المهدي الموعود فبايعوه).
وفي بعض الأحاديث: إنه جبرائيل.
(البرهان في علامات مهدي آخر الزمان): عن محمد بن علي قال: لمهدينا آيتان لم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض: ينكسف القمر لأول ليلة من رمضان، وتنكسف الشمس في نصف شهر ولم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض.
(التعليق): حسب علم الفلك مستحيل أن يقع (خسوف القمر) أول الشهر، ولذلك فإنه لم يقع في تاريخ القمر والأرض والكون.
كما أن من المستحيل ـ فلكياً ـ وقوع (الكسوف) للشمس في أواسط الشهر، ولذلك فإنه لم يقع في تاريخ الشمس والأرض والكون.
وإن من المستحيل أيضاً طلوع الشمس من مغربها، لأنه يستلزم أن تعاكس الأرض الدوران حول الشمس، وهذا الأمر من أول المستحيلات، لأنه خرق لألوف الأنظمة الكونية والجاذبيات، وغيرها.
(لكن) الخالق القادر على كل شيء يفعل هذه المستحيلات كإرهاصات إيذاناً بظهور وليه، ومطبق شريعته الإمام المهدي (عليه السلام).
الخسوف والكسوف ذكراً في هذا الحديث، والثالث ذكر في بعض الأحاديث الأخرى.
فتن شر فتن
(البرهان في علامات مهدي آخر الزمان للمتقي الهندي الحنفي): عن الحكم بن عتبة قال: قلت لمحمد بن علي: سمعت أنه سيخرج منكم رجل يعدل في هذه الأمة قال: إنا نرجو ما يرون الناس وإنا نرجو لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يكون ما ترجو هذه الأمة وقبل ذلك فتن شر فتن يمسي الرجل مؤمناً، ويصبح كافراً فمن أدرك ذلك منكم فليتق الله وليكن من أحلاس بيته.
(التعليق): من أحلاس بيته، أي: ممن لا يفارق بيته، وهذا كناية عن عدم الذهاب مع الناس في مذاهبهم الباطلة، وليس معنى الخبر: أن يُترك الناس وشأنهم فلا يُأمر بالمعروف ولا يُنهى عن المنكر، فإن هذين الواجبين العظيمين اللذين بهما تنام الفرائض ـ كما في الأحاديث ـ لا يتركان لمثل هذا الحديث الذي غاية ما يمكن أن يقال فيه أنه مجمل.
(وأعتقد) أن معنى هذا الحديث هو عبارة أخرى عن الحديث الآخر: (كن في الناس ولا تكن معهم).
(نعم) هذا أمر صعب، ولكنه فليكن ما دام الأمر بالكون في الناس، ومادام الأمر بالاختلاط معهم ليأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر.
(البرهان في علامات مهدي آخر الزمان): عن أبي عبد الله الحسين بن علي: إذا رأيتم علامة من السماء ناراً عظيمة من قبل المشرق تطلع ليالي فعندها فرج آل محمد أو فرج الناس وهي أقدام المهدي (عليه السلام).
(ينابيع المودة): في قوله تعالى: (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية) [3] عن أبي بصير وابن الجارود عن الباقر، قال هذه الآية نزلت في القائم وينادي مناد باسمه واسم أبيه من السماء.
صيحة سماوية
(ينابيع المودة للقندوزي الحنفي): في قوله تعالى: (واستمع يوم ينادي المناد من مكان قريب يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج) [4] عن الصادق (رضي الله عنه) قال: ينادي مناد باسم القائم واسم أبيه (عليهما السلام) والصيحة في هذه الآية صيحة من السماء، وذلك يوم خروج القائم.
(البرهان في علامات مهدي آخر الزمان): يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي: هذا المهدي (عليه السلام) خليفة الله فاتبعوه.
(البيان للكنجي الشافعي): عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخرج المهدي على رأسه غمامة فيها مناد ينادي: هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه، قال في (البرهان): قال في (عقد الدرر): وهذا النداء يعم أهل الأرض ويسمع أهل كل لغة بلغتهم.
(التعليق): هذا المعنى كان ثقيلاً على أسماع لم تكن تؤمن بالغيب، وعموم قدرة الله تعالى (لكنه) اليوم عاد أمراً بسيطاً سهل الهضم، بعدما اخترع هذا البشر العاجز الجهاز الذي يوضع في مجالس الأمة في البلاد الكبرى، وفي مجالس العموم، وغيرها، فيتكلم شخص بالعربية ـ مثلاً ـ والجهاز يترجم الكلام إلى الإنجليزية، والفارسية، والفرنسية. والأردو، وغيرها، ويوزعها على كل حسب لسانه.
(والإسلام) كله معجزات، كلما تقدم العلم، وارتفعت التكنولوجيا، ظهرت من الإسلام معاجز وآيات.
(إسعاف الراغبين للصبان الحنفي): وجاء في روايات أنه عند ظهوره ينادي فوق رأسه ملك: هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه.
(البرهان في علامات مهدي آخر الزمان): أخرج أبو نعيم عن علي قال: لا يخرج المهدي حتى يقتل ثلث ويموت ثلث ويبقى ثلث.
(التعليق): هذا الحديث الشريف: إشارة إلى المقاتلات الجماعية التي تقع اليوم وكانت، ويؤمل أن تقع في العالم، من الحروب العالمية، والحروب المحلية، التي يذهب ضحيتها بين حين وآخر الألوف والألوف، بهذه القنابل الفتاكة، والأسلحة الذرية. وغيرها.
وكذلك إشارة إلى الموتات العمومية التي تجتاح العالم بين حين وآخر هنا وهناك. بسبب (الأوبئة) الحقيقية والاصطناعية، والمجاعات الطبيعية والاصطناعية، والزلازل الطبيعية والاصطناعية. والسيول كذلك، وهلم جراً.
السفياني
(ينابيع المودة) عن (المحجة): عن علي (كرم الله وجهه) في هذه الآية: (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت) [5] الآية، قال: قبيل قيام قائمنا المهدي يخرج السفياني فيملك قدر حمل المرأة تسعة أشهر، ويأتي المدينة جيشه حتى إذا انتهى إلى البيداء خسف الله به.
(التعليق): (البيداء) يعني: الصحراء بين المدينة ومكة، تعيد زلازل قوية، وهزات عنيفة يموت منها جيش السفياني القادم من الشام، وسيأتي بعض التوضيح عنه في الحديث التالي.
(البرهان في علامات مهدي آخر الزمان): عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: السفياني من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان رجل ضخم الهامة بوجهة أثر الجدري بعينة نكتة بياض يخرج من ناحية مدينة دمشق، وعامة من يتبعه من كلب، فيقتل حتى يبقر بطون النساء، ويقتل الصبيان فيجمع لهم قيس فيقتلها حتى لا يمنع ذنب قلعه، ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرم فيبلغ السفياني فيبعث إليه جنداً من جنده فيهزمهم فيسير إليه السفياني بمن معه حتى إذا جاوز البيداء من الأرض خسف بهم فلا ينجو منهم إلا المخبر عنهم.
خمس علامات
(البرهان في علامات مهدي آخر الزمان): عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام) قال: للمهدي خمس علامات: السفياني، واليماني، والصيحة من السماء، والخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكية.
(التعليق): معنى تفسير الأربعة الأولي.
(وأما النفس الزكية) فهو الذي ذكر في بعض الأحاديث بـ (السيد الحسيني) يخرج ويدعو إلى الحق، ويقتل قبل ظهور الإمام المهدي (عليه السلام).
(البرهان): عن عمر بن العاص قال: علامة خروج المهدي إذا خسف بجيش في البيداء فهو علامة خروج المهدي.
الدجال
(ينابيع المودة للقندوزي الحنفي): عن أبي أمامة قال: خطبنا النبي (صلى الله عليه وآله)، وذكر الدجال، وقال: فتنفي المدينة الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص، فقالت أم شريك: فأين العرب يومئذ يا رسول الله؟ قال: هم يومئذ قليل وجلهم ببيت المقدس وإمامهم المهدي (عليه السلام).
(البرهان في علامات مهدي آخر الزمان): عن أبي جعفر (رضي الله عنه) قال: يظهر المهدي في يوم عاشوراء وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي وكأني به يوم السبت العاشر من المحرم قائم بين الركن والمقام جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره، وتصير إليه شيعته من أطراف الأرض، تطوى لهم طياً حتى يبايعوه فيملأ بهم الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.
(التعليق): تطوى لهم طياً، فيحضرون من أطراف الأرض ـ بقدرة الله تعالى ـ في لحظات إلى مكة المكرمة عند الإمام المهدي (عليه السلام).
وليس هذا بمستغرب، فقد ذكر القرآن الكريم أنه طويت الأرض بمسافات ألوف الأميال (لآصف بن برخيا) وصي نبي الله تعالى (سليمان بن داود) في قصة نقل (عرش بلقيس) من اليمن إلى فلسطين في أقل من لحظة واحدة حيث قال تعالى: (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقراً عنده) [6] الآيات.
تقبلوا تحياتي العطرة
بنت جنوب لبنان