عيترون تنهض من دمار الموت لتروي حكاية جديدة من حكايات الجنو

امضت عيترون التي يزيد عدد سكانها على الـ 18 ألف نسمة، ايام العدوان الثلاثة والثلاثين ‏بثبات، وكان لاهلها في كل يوم قصة من قصص الصمود البطولي، الذي اضيف الى تاريخ البلدة ‏الحافل بالمقاومة، فنادرا ما تلتقي عائلة في عائلاتها لم تقدم شهيدا او اكثر في معارك ‏الدفاع عن قرى وبلدات الجنوب، فكيف بالعائلات العيترونية التي قدمت تسعة شهداء كعائلة ‏عواضة والاخرس، او ثلاثة شهداء من افرادها، كعائلة الشيخ حسين التي قدمت جميل ويحيى وناصر ‏شهداء في صفوف جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في الثمانينات، وصولا الى العدوان الاخير ‏حيث سقط شهداء مقاومون لم يبخلوا على عيترون بالدماء.‏


الدمار الرهيب الذي حل ببلدة عيترون، جارة بنت جبيل ومارون الراس وعيناتا، لم يرهب ‏الاهالي في البلدة، الذين ذاقوا باكرا الطعم المر للاحتلال، حتى انهم، وبعد توقف العدوان في ‏‏14 آب، بقي الجنود الاسرائيليون يتمركزون في اطراف البلدة، ليواصلوا عدوانهم، وان بطرق ‏مختلفة.‏


عن احوال عيترون يتحدث نائب رئيس البلدية فيها نجيب قوصان الذي يتابع مع رئيس البلدية ‏سليم مراد متابعة القضايا الحياتية، وخاصة ملف اعمار المنازل المدمرة والمتضررة، اضافة ‏المشاكل التي تواجه الاهالي على الصعد الزراعية والاجتماعية، فيقول هناك مؤسسات عدة ‏بادرت الى المساهمة في اعادة بناء ما دمره العدوان، ومنها مؤسسات سعودية عبر الهيئة ‏العليا للاغاثة، وتولت الامارات العربية المتحدة اعادة بناء المدارس فيما تولت دولة قطر ‏بناء واعادة بناء دور العبادة التي تعرضت للقصف، اضافة الى مؤسسات دولية.‏


ان عيترون تعيش معاناتها الناتجة عن الاعتداءات الاسرائيلية، منذ نشوء الكيان الاسرائيلي، ‏وهي تعرضت في السنوات الماضية الى الكثير من هذه الاعتداءات وارتكبت بحق الكثير من المجازر، ‏وصولا الى العدوان الاخير في تموز الماضي، حيث ادت مجزرة اسرائيلية اودت بحياة 25 مواطنا من ‏آل الاخرس وال عواضة، اضافة الى المجزرة المتنقلة على الطرقات خلال نزوح الاهالي من حمم ‏المدافع والغارات الوحشية، حيث سقط خمسة شهداء، وقد استهدفت البلدة بالغارات الجوية ‏ونفذ على ارضها في منطقة الباط اول هجوم بري اسرائيلي، وقد تم التصدي له ببسالة، ‏ويومها اعترفت اسرائيل بسقوط 6 قتلى و23 جريحا من جنودها وانكفأت قبل ان تعيد المحاولة ‏مرة ثانية على محور مارون الراس، والمعروف في البلدة انه في ليلة واحدة سقط على عيترون ‏اكثر من الفي قذيفة من المدفعية الثقيلة، وبقي القصف يستهدف البلدة حتى اخر يوم من ‏ايام الحرب، وحصيلة هذا الاستهداف كان استشهاد خمسة مقاومين و40 مواطنا من البلدة.‏


لم يسلم منزل احد من العدوان في عيترون، يضيف، هناك 1800 منزل في عيترون 150 منها دمروا ‏بالكامل واكثر من 250 وحدة سكنية غير صالحة للسكن وهناك 1200 وحدة سكنية اصيبت باضرار ‏متفاوتة، اما بخصوص ملف التعويضات، وبعد ان توقف العدوان قامت مؤسسة جهاد البناء ‏بتقديم مساعدات مالية سريعة للاهالي، لايجاد منازل بديلة واثاث منازل، وبعد الكشف ‏الميداني قدمت المؤسسة تعويضات بدل ترميم، فيما قام مجلس الجنوب بالكشف على الاضرار ودفع ‏قسم من قيمة الترميم والمنازل المهدمة، على ان يتبع ذلك دفع الجزء الثاني.‏


وعن معالجة مشاكل البنى التحتية التي تعرضت لاضرار خلال العدوان قال قوصان معظم الاعطال ‏التي اصيبت بها شبكة المياه تم اصلاحها، بالتعاون بين البلدية وبعض الجهات التي قدمت ‏مساعدات، فالامارات العربية المتحدة بادرت الى اعادة ترميم مدارس البلدة واعادة بناء ‏ما تهدم منها، والمستوصفات ايضا جرى ترميمها بجهود من البلدية ومنظمات عربية ودولية، ‏وبسبب الاضرار التي لحقت بالمؤسسات التربوية، جرى اعتماد نظام الدوامين، لاستيعاب الطلاب في ‏قاعات التدريس التي سلمت او اعيد ترميمها، اما اليوم وبعد انجاز عمليات الترميم اعيد ‏العمل بنظام الدوام العادل، اما في ما خص خزانات المياه التي استهدفت خلال القصف، فان ‏الصليب الاحمر الدولي يعمل على بناء خزان مياه كبير لحل مشكلة المياه.‏


وعن حضور الدولة ومؤسساتها قال الدولة كانت غائبة عن كل هذه المشاكل التي خلفها ‏العدوان، ولم يزر اي مسؤول البلدة، باستثناء وزارة الموارد المائية والكهربائية التي ‏ارسلت ورش العمل لاصلاح ما تضرر، وقد تم اصلاح شبكة الكهرباء، اما شبكة الهاتف فانها ما ‏تزال على حالها، الخطوط معطلة وخطوط الشبكة ما تزال على الارض، الا ان عددا من المواطنين ‏تولى، وبمبادرات شخصية على نفقة صاحبها، قام باصلاح بعض الخطوط، كما قامت البلدية باصلاح ‏بعض الخطوط، وعلى حسابها الخاص.‏


تشهد احياء بلدة عيترون عشرات الورش التي تقوم لاعادة بناء المنازل والمؤسسات التجارية، ‏لكن المواطن يشكو من ارتفاع اسعار مواد البناء، الامر الذي يربك المواطن خلال استكمال ‏عملية اعادة البناء، باموال القسط الاول الذي حصل عليه.‏


ومن حسن حظ العيترونيين، فان اراضيهم واملاكهم غيرممسوحة عقاريا، وهذا ما يسهل الامر ‏عليهم، ويعفيهم من التعقيدات الروتينية والقانونية التي تعترض غيرهم، لجهة انجاز المعاملات ‏والاوراق الخاصة بعمليات اعادة البناء او الترميم، ويقول قوصان ان المعاملات المتعلقة ‏بعمليات إعادة البناء سهلة على سكان البلدة، والبلدية تعطي الرخص الخاصة بهذه ‏العمليات.‏


وعن واقع القطاع الزراعي في عيترون.. فإن سكان البلدة يعتاشون على الزراعة وبالتحديد ‏على زراعة التبغ، التي اصيبت بأضرار كبيرة فالمواطن لم يتمكن من جني المحصول خلال الحرب ‏وبعدها جراء القنابل العنقودية «المزروعة» في كافة حقول البلدة، والاضرار التي لحقت موسم ‏زراعة التبغ الماضي تركت اثارها على زراعة الموسم الحالي، لان هذا النوع من الزراعة يحتاج ‏الى تحضير الشتول لزرعها، وهذا لم يحصل، اضافة الى مشكلة مياه الري، بعد ان تلوثت بركة ‏البلدة بعد نفق اعداد كبيرة من المواشي فيها، وقد عملت البلدية على ردمها وشراء عقار ‏جديد لبناء بركة فيها لكن مياه الشتاء لم تتجمع فيها وبقيت المشكلة قائمة ونعمل الآن ‏لتأمين حل لهذه المشكلة لكي نوفر مصدراً جديداً للمياه لري زراعة التبع في الموسم الجديد ‏الذي يبدأ قريبا.‏