جبل عامل او جبل عاملة او جبال بني عاملة او جبل الجليل او جبل الخليل او بلاد بشارة , تلك هي الاسماء المتعددة التي عرف بها قديما جبل عامل من لبنان الجنوبي اليوم " (1). و قد ضم الى لبنان بعد انشاء دولة لبنان الكبير سنة 1920 م .و اصبح جزءا من الوطن اللبناني .
فمن أين جاءت تسمية هذا الجبل بهذا الاسم و ما هي حدوده ؟
عن التسمية يجمع عدد كبير من الؤرخين انها جاءت بالنسبة لقبيلة عاملة بن سبأ اليمانية " هذه القبيلة التي خرجت الى الشام عند سيل العرم و نزلوا بالقرب من دمشق في جبل هناك يعرف بجبل عاملة "(2) .
ويقول آل صفا " و سكانه ( جبل عامل ) عرب خلص بنسبهم و لغتهم و عاداتهم متحدرون من عاملة بن سبأ بن يشجب بن قحطان و هي قبيلة هاجرت من اليمن الى اطراف الشام قبل الميلاد بثلاثمائة سنة على وجه التقريب بعد حادثة سيل العرم و انهيار سد مأرب و ضياع مملكة سبأ المعروفة في التاريخ " (3) .
كما عرفت هذه المنطقة ببلاد بشارة نسبة الى احد الزعماء الذي تعددت الآراء حول نسبه " و ذكر بعض المؤرخون انه الامير بشر بن معن و قال آخرون انه بشارة بن مقبل القحطاني , لكن المعمول عليه و الاقرب الى الصحة انه الامير حسام الدين بشارة بن اسد الدين بن مهلهل بن سليمان بن احمد بن سلامة العاملي"(4) .
و قد عرف هذا الجبل ببلاد المتاولة " كون معظم سكانه من المتاولة حسب التسمية المعروفة في لبنان اي الشيعة " (5) و هذا اللقب و هذه اللفظة ( المتاولة ) هي جمع متوالي مشتق على غير قياس من تولى اي اتخذ وليا و متبوعا من ولائهم لاهل البيت النبوي الطاهر الذي هو الركن في مذهب الشيعة او مشتق على القياس من توالى اي تتابع من تتابعهم . و استرسالهم خلفا عن سلف في موالاة آل البيت عليهم السلام " (6) .
و مما يذكر " ان اصل جبل عامل هو جبال بني عاملة ثم جبال عاملة ثم جبل عامل .. وقد تفرد صاحب كتاب "العرب قبل الاسلام" المنسوب للاصمعي بالقول ان عاملة هو " عاملة بن الحارث بن مالك بن ربيعة " (7) .
عن حدود هذا الجبل , فانها تمتد "من نهر القرن بالقرب من طيرشيحا في الاراضي الفلسطينية في الجنوب الى نهر الاولي شمال صيدا شمالا, و من شواطىء البحر المتوسط غربا الى واحة الحولة و النميط الة نهر الغجر و وادي التيم شرقا"(
و يضيف السيد محسن الامين عن جبل عامل "أن حده من جهة الغرب البحر المتوسط او بحر الشام و من الجنوب فلسطين و من الشرق الاردن ( الحولة ) ووادي التيم و بلاد البقاع و قسم من جبل لبنان الذي هو وراء جبل الريحان و من الشمال نهر الاولي او نهر الفراديس قديما ... و لكن يقع التأمل في الحد الفاصل بينه و بين فلسطين فقد قيل انه هو النهر المسمى بنهر القرن و حينئذ يدخل في جبل عامل ما ليس فيه "(9) .
و يذكر الشيخ علي الزين ان حدود الجبل " من الشمال مصب الاولي شمال صيدا ثم يذهب الى الشرق شمال قرية البرامية و يتجاوز قرية روم من جهة الشمال الى ان يصل الى جزين و يقطع جبل التومات منحدرا الى مشغرة و يتصل بالليطاني من شمالي سحمر ثم يذهب الى ان ينحط على ينبوع الحاصباني و يتجه جنوبا على مجرى النهر المذكور فيدخا فيه جبل الظهر و مشغرة ثم ينتهي الخط على ضفة بحيرة الحولة و ينعطف غربا جنوبي مقام النبي يوشع و شمالي الهراوي و ينتهي عند مصب وادي القرن جنوبي قرية البصة فيدخل فيه قرية الخالصة من ارض الحولة و هونينو قدس و يوشع و صلحة و المالكية و تربيخا التي ضمت الى فلسطين" (10) .
و هكذا يجمع المؤرخون ان جبل عامل من البحر المتوسط غربا الى جبل الشيخ شرقا و من جبل اليحان شمالا الى حبل الكرمل جنوبا .
و عن مساحة جبل عامل فقد قدرها بعض المؤرخون بثلاثة آلاف كيلومتر مربع (11) و يرتف هذا الرقم الى ثلاثة آلاف و مئتي كيلومتر مربع على اعتبار ان طول الجبل يبلغ ثمانون كيلومترا و عرضه أربعون (12) , و عدد نفوسه ماية و خمسون الف نسمة يدينون بالاسلام على المذهب الشيعة الامامية ( المذهب الجعفري) و بين سكانة القليل من المسلمين السنة في الثغور و قسم من النصارى في الداخل (13) .
" و اهل جبل عامل تشيعوا في عهد الصحابي أبي ذر الغفاري الذي نفاه معاوية الى جبل عامل و لا يزال هناك مسجدان يعرفان باسمه الاول في بلدة ميس الجبل و الثاني في بلدة الصرفند (14) .
و أهل جبل عامل أقدم الناس بالشيع " و مرَ في طرفه ناصر خسرو الرالة الفارسي المعروف سنة 437 هجري (1020م) فقال عن صور ان اكثر اهلها شيعة امامية و من بلدانه تبنين و هونين و قدس و الشقيف و اكبر مدنه صيدا ثم صور و اكبر قراه النباطية و بنت جبيل و اليام "(15) .
و عن عروبة سكان جبل عامل فالعامليون " عريقون في العروبة و لهم من العادات ما يكفي لتوضيح نسبهم العربي و اما لغتهم فهي العربية و الفاظها اقرب الى الفصحى من كل لفظ "