العدوان أصاب كل شيء والأهالي ينتظرون التعويضات
تعيش بلدة عيترون الحدودية على هامش الاهتمامات الحكومية استمرارا على عهدها السابق من المبادرات الرسمية تجاهها وغيرها من القرى الجنوبية في قضاء بنت جبيل. واذا كانت حرب تموز قد انتجت جملة من التغيرات الاستراتجية على الصعيدين الداخلي والاقليمي الا ان تلك الحرب، لم تستطع تغيير قيد انملة من السياسات الحكومية تجاه هذه المنطقة.
عيترون على خلاف غيرها من القرى القليلة التي نالت بعض العطف من الحكومة او تلك البلدات المحظوظة التي وجدت من الدول الخارجية من يتكفل باعادة اعمارها والتعويض على اهلها بعض الخسائر المادية التي اصابت منازلها، تنتظر بعيون حائرة اي نظرة يمكن ان تأتيها من مكان ما وفق جدول مأمول، تأتي الدولة اللبنانية في ذيل تلك اللائحة نتيجة التجارب السابقة معها، <فمن جرب المجرب، عقله مخرب>، يجيب محمد توبة عن توقعاته المستقبلية بالنسبة لاعادة الاعمار، حيث يؤكد بان <اكثر من 90 بالمئة من منازل البلدة لا تزال على حالها التي وجدها عليه اصحابها في 14 آب تاريخ وقف الاعمال الحربية>.
ويلفت المواطن العيتروني <الى ان بعض الميسورين فقط بدأوا باعادة ترميم منازلهم بعد ان ملوا الانتظار فيما معظم المتضررين قد اكتفوا بازاحة الردم من منازلهم ليتسنى لهم استقبال شهر رمضان وموسم المدارس>. ويستدرك المواطن الجنوبي ليشير الى انه <لولا التعويضات التي دفعها حزب الله بدل أضرار الاثاث والايواء بالاضافة الى قسم من تعويضات الاضرار مع 50 وحدة سكنية قدمتها المملكة العربية السعودية لكان الوضع اكثر مأساوية على الارض>.
وقد اظهر المسح الذي قامت به مؤسسة جهاد البناء بان هناك اكثر من 800 وحدة سكنية قد اصابها الضرر في عيترون بنسب مختلفة، منها 135 منزلا قد هدمت بالكامل في حين ان هناك حوالي 250 منزلا غير صالح للسكن فيما العدد الباقي قابل للترميم فيما لو توفرت الاموال اللازمة. وتظهر مهولة هذا الرقم لو عرفنا ان مجموع منازل بلدة عيترون هي 800 وحدة سكنية .
وبحسب رئيس البلدية المهندس سليم مراد لم تتوفر التعويضات بشكلها الرسمي بعد، ان داخليا او خارجيا الا بمقدار ما بادر حزب الله الى دفعه حتى الان، اضافة الى المساعدات العينية التي قدمت من مؤسسات اهلية محلية ودولية مختلفة، والتي كان لها اثر ملحوظ في تخفيف حدة معاناة الاهالي نتيجة الكارثة التي اصابت البلدة. اما المبادرة السعودية لاعادة اعمار البلدة فقد اوضح رئيس البلدية ان الكلام حول هذا الموضوع لم يتجاوز بعد ما سمعناه في وسائل الاعلام كغيرنا من الاهالي فيما لا شيء عمليا حتى الان>.
ولم تقتصر الاضرار التي اصابت البلدة على ما لحق بالمنازل والبيوت من هدم واضرار، بل ان العدوان الاسرائيلي قد طال الناس في ارزاقهم ايضا حيث ان البلدة بطابعها الزراعي تعتمد بشكل رئيسي على انتاج التبغ وزراعة الزيتون بالاضافة الى زراعة الحبوب وتربية المواشي. ويشير مراد الى ان حوالي 80 بالمئة من موسم الدخان قد ضاع على المزارعين حيث اتى العدوان في وسط أوان قطفه، لافتا الى ان دخل الاهالي من هذه الزراعة يبلغ حوالي 3 مليارات ليرة سنويا، علما ان المزارعين كانوا قد اصيبوا سابقا بنكسة بعد ان قامت قوات الاحتلال الاسرائيلي برش مبيدات قاتلة على الحدود مع فلسطين المحتلة، ما ادى يومها الى اتلاف اكثر من 400 دنم من الاراضي الزراعية لم تبادر الدولة وبعد مرور سنتين على الحادثة الى التعويض على هؤلاء المزارعين.
عن موسم الزيتون يوضح احمد حسن انه بالاضافة الى الاضرار التي لحقت مباشرة باشجار الزيتون نتيجة الغارات والقصف الاسرائيلي فان المزارعين متخوفون من القنابل العنقودية التي لا تزال تحصد المزيد من الضحايا اللبنانيين واغلبهم من المزارعين، وقد طالب المزارع العيتروني بتغير الالية في عملية مسح المناطق المشبوهة، موضحا ان الطريقة الحالية تقوم على المشاهدة المباشرة للجسم المشبوه من اجل القيام بالمسح او وقوع حادث، متسائلا هل يجب ان يموت او يجرح احدهم للقيام بهذا المسح ،مكررا المطالبة بأن تتم المباشرة بعمليات الكشف على الاراضي الزراعية في المناطق التي تعرضت للقصف العنقودي والتي يسهل تحديدها من قبل اهالي كل بلدة.
يبقى ان اي كلام عن حجم الاضرار التي اصابت كل قرية من قرى الجنوب لاسيما في منطقة بنت جبيل، بمثابة غيض من فيض ما هو موجود على ارض الواقع، خاصة وان هناك اضرارا لا يمكن قياسها بالمسح والكشف والتعويض